Rize İlahiyat Dergisi (Apr 2024)

حكاية رُستَم وإسفَنديار: بين شاهنامة الفِردوسيّ وغُرَر ملوك الفُرس للثَّعالبيّ

  • Moustafa Albakour

DOI
https://doi.org/10.32950/rid.1392422
Journal volume & issue
no. 26
pp. 167 – 180

Abstract

Read online

حكاية رُسْتَم وإسفنديار إحدى أهم الحكايات الفارسية القديمة التي شاع ذكرُها في أمَّهات مصادر السّيرة النّبويّة، وتفاسير القرآن، وتواريخ صدر الإسلام وآداب الشعوب. إنّ مطالعةَ المصادرِ الإسلاميّة التي أوردت تلك الحكاية تقدِّم لنا ثلاث رؤًى تجاهها: الأولى: دينيَّة، وهي التي تبدو في كتب السِّيرة النّبويَّة وتفاسير القرآن، وعُدَّت فيها بمثابة أساطير الأوَّلين أو لهو الحديث. والثّانية: حماسيَّة أو قوميَّة، وقد تجلَّت في شاهنامة الفردوسي وما تلاها من الحماسات القوميّة الفارسيّة، وفيها تبدو أهمُّ عناصر الحماسة القوميّة الفارسيّة. والثّالثة: تاريخيَّة، وقد تجلَّت في كتب تاريخ الإسلام التي تحدَّثت عن سِيَرِ مُلوك الفُرس القدماء من العصر الأسطوريِّ إلى سقوط الإمبراطوريّة الساسانيّة على يد العرب المسلمين، ومن جُملتها كتاب غُرَر أخبار ملوك الفُرس وسِيَرهم للثَّعالبيِّ. تتحدَّث هذه الحكاية عن اثنَين من أبطال الحماسة الفارسيّة وهما رُستَم وإسفنديار، وقد عُرِفا بخَوض كثيرٍ من الحروب المصيريَّة والخطيرة دفاعًا عن استقلال إيران، وللحفاظ على عرش ملوكها، لكنَّهما تصادما في أواخر حياتَيْهما، وانتهى الأمر بمقتل إسفنديار على يد رُستَم بعد سلسلة من الحوادث الدّراميَّة. تُجسِّد هذه الحكاية تصادم عدد من المفاهيم الإنسانيَّة المهمَّة من قبيل صراع الدِّين والقوميَّة، والسُّلطة والشَّعب، والشَّيخوخة والشَّباب، والشَّجاعة والحيلة، والأَسْر والحُرِّيَّة. إنَّ أهمَّ روايتَين لحكاية رستم وإسفنديار وأكثرهما تكاملًا ونضجًا في مصادر التّاريخ والآداب الإسلاميّة هما: رواية شاهنامة الفردوسيّ (~330-416هـ) المدوَّنة بالفارسيَّة، وروايةُ غُرَرِ ملوك الفُرس للثَّعالبيِّ (350-429هـ) المدوَّنة باللّغة العربيَّة، وقد تفاوتت نظرةُ الأديبَينِ أو المؤرِّخَينِ تجاه هذه الحكاية وفلسفتها؛ فالفردوسيُّ كان يتعامل مع هذه الحكاية الأسطوريَّة وأمثالها على أنّها رموز يمكن تأويلها وليست خرافة، أمّا الثَّعالبيُّ فقد رأى هذه الحكاية خرافةً لا يتقبَّلُها العقل الإنسانيّ. إن النظرة الأوَّليَّةَ في روايتَي الفردوسي والثّعالبي تُظهِر وجود تشابهٍ كبيرٍ بين أهمِّ عناصر هذه الحكاية، ولعلَّ حياة هذين الأديبَين في وقتٍ واحدٍ تقريبًا، وفي إقليمٍ واحدٍ، يجعلنا أمام ثلاثة احتمالات حول أسباب هذا التشابه: أوّلاً: أخْذُ الثّعالبي عن الفردوسي وتأثُّره بشاهنامته بحُكم شهرة الشّاهنامة ووحدة البيئة التي عاشا فيها وتقدُّم الفردوسي عليه في العُمْر. وثانيًا: أخْذُ الفردوسي عن الثّعالبي بحُكم شهرة الأخير ومكانته الأدبيّة الكبيرة. وثالثًا: اعتماد الفردوسيّ والثّعالبيّ في روايتَيْهما على مصدر واحد أو مصادر مُتشابهة. لكنَّ هذا التّشابه لم يَحُل دونَ وجودِ تفاوتٍ في مسائلَ فرعيّة وإضافات من قِبَلِ المؤلِّفَين. وقد حفلت الشّاهنامة بالنّصيب الأكبر من الإطالات والإضافات الجديدة كُلِّيًّا، مع حرصه على عدم العبث ببنيتها الأساسيّة، من قبيل مطلع الحكاية والمواعظ الأخلاقيّة والقيم الإنسانيّة التي كان يحرص على تطعيم حوادث القصَّة بها لأسباب ترتبطُ برؤاه الدّينيّة والقوميّة والسّياسيّة.

Keywords