آداب الرافدين (Mar 2004)

عمر بن عبد العزیز ناقداً

  • علی الفهادی

DOI
https://doi.org/10.33899/radab.2004.164908
Journal volume & issue
Vol. 34, no. 38
pp. 239 – 252

Abstract

Read online

نظر الخلفاء الأمویون فی أمر الشعر روایة وإستنشاداً ونقداً، وکانوا یثیبون أو یحرمون، ولا سیما معاویة بن أبی سفیان وعبدالملک بن مروان، فقد ولی کل منهما الخلافة قرابة عشرین سنة استقرت بهما الحال فازدهرت المجالس الأدبیة فی عهدیهما، وکثیراً ما مزجت تلک المجالس الأدب بالسیاسة والخلافة،فقامت الأحکام والمفاضلات بین الشعراء على ضوئها أو لخدمتها، وکان للمعارضة ونشاطها الدور فی إذکاء النشاط النقدی فیها حیث تقوم المنافسة على زعامة الروایة والأدب قیامها على الزعامة والخلافة أما عهد عمر بن عبدالعزیز فکان سنتین وشهراً خفتت فیه حدة المعارضة، ولم یکن الخلیفة یعبأ بشعر المدیح وعقد مجالس للشعر والشعراء، إذ اهتم بأمر الرعیة وبتنظیم بیت المال ما ینفق منه وما یرد إلیه، وأجهد نفسه فی إعادة التوازن الذی اختل بین الدنیا والآخرة فأکثر من تزهید الناس ونفسه أولا بالدنیا والترغیب بالآخرة وحث الناس على القناعة بما فی أیدیهم وشرع أولا بأقاربه وأهل بیته فأعاد أموالا طائلة منهم إلى بیت المال سماها (المظالم) وشرح لعمته فاطمة بنت مروان نهجه الاقتصادی بقوله: "إن الله تبارک وتعالى بعث محمداً صلى الله علیه وسلم رحمة، لم یبعثه عذاباً، إلى الناس کافة، ثم اختار له ما عنده فقبضه إلیه، وترک لهم نهراً شربهم فیه سواء، ثم قام أبو بکر فترک النهر على حاله، ثم ولی عمر فعمل على عمل صاحبه فلما ولی عثمان اشتق من ذلک النهر نهراً ثم ولی معاویة فشق منه الأنهار، ثم لم یزل ذلک النهر یشق منه یزید ومروان وعبدالملک والولید وسلیمان حتى أفضى الأمر إلی وقد یبس النهر الأعظم، ولن یروی أصحاب النهر حتى یعود إلیهم النهر الأعظم إلى ما کان علیه، ومن هذه النظرة إلى مال المسلمین انصرف عن المدیح وشعرائه، فحجب نفسه وعطاءه عنهم حتى قال مسلمة بن عبدالملک لوفود الشعراء: "أما علمتم أن إمامکم لا یعطی الشعراء شیئاً حفاظاً على النهر الأعظم الذی صرح للشعراء بأنه لن ینفق منه إلا على وفق قوله تعالى: "إنما الصدقاتُ للفقراء والمساکینَ والعاملین علیها والمؤلفةِ قلوبهم وفی الرقاب والغارمینَ وفی سبیل اللهِ وابن السبیل فریضةً من الله والله علیم حکیم" ولا عجب فی هذه السیاسة تجاه شعراء المدیح وحجب نفسه عنهم فهی سیاسة جده الفاروق بل هی سیاسة الراشدین جمیعاً، وعلى نحو ما أعاد المظالم إلى بیت المال، حاول إعادة الشعر والشعراء إلى نهر العقیدة لیردوا عذبه فیصدروا عنه بقیم تنسجم مع ما أحدثه الإسلام فی نفسه ونفوس المؤمنین لیعید الموازنة بین الدنیا والآخرة، قال لدُکـَین الراجز: "إن نفسی لم تنل شیئاً قط إلا تاقت لما هو فوقه، وقد نلت غایة الدنیا (یعنی الخلافة) فنفسی تتوق إلى الآخرة"،

Keywords