الباحث الإعلامي (Mar 2020)
الألقاء ( في الفضائيات العربية) نظاما اشاريا
Abstract
أظهر العصر تطورا مهما في الاتصال , مفاهيم واجراءات وتقنية , وأظهر وبالدرجة نفسها عناية باللغة , وما يجمع بين الاعلام واللغة ان احدهما صنو الاخر ورافد له , فالاعلام يستمد وجوده وتحققه من اللغة ومن الانظمة العلاماتية الاخرى , وتتوطد علاقة اللغة بالاعلام بتجذر نظام اللغة الرمزي . إذ يفتح الاعلام لها حقولا معرفية ودلالية , فالتغير الذي وسم الزمن بميسمه , لابد ان يترك اثرا بينا في مفاصل الاعلام الحيوية , والالقاء الاذاعي والتلفزيوني واحد من هذه المفاصل , وقد تغير هو الاخر في اطار حركة النمو والتطور , وتعدد الوسائل والوسائط الاعلامية وانتشارها . وشمل التغير المتلقي قارئا وسامعا ومشاهدا , فما عاد الالقاء قراءة في فقرات مكتوبة , تراعى فيه الفواصل والفقرات والسكنات . ولم يعد تمثلا للمعنى في محاولة تجسيده وتجليته , بل هو فضلا عن ذلك صورة اخرى ترسم بالكلمات وبالاداء , والمعرفة الدقيقة بخصائص اللغة . ولاسيما خصائصها الشفوية , وتظهر الميزات الشخصية والصوتية للمحافظة على النظم الاشارية : نظام الكلمة , نظام الجملة , نظام النص , نظام الخطاب . وقد حفزعلم اللغة الحديث القائمين بالاتصال على الافادة من المنجز الهائل الذي حققه العصر , منذ بديات القرن العشرين , ولاسيما التقدم في السيميائيات , الذي غدا هو الاخر علامة من علامات عصرنا : ((في فما يسعى (علم الالسنية) الى اختزال الوحدات الدالة الصغرى المميزة انطلاقا من الجملة . تحتل الدراسات السيميائية مكانتها على صعيد أرفع , مستهدفة استقراء النظام الدلالي وفقا لوحدة اكبر من الجملة وهي الخطاب , الذي لايستنتج منه فائدة , بمجرد ضم الوحدات الدلالية الصغرى المكونة له , انما يتم استخلاصه جملة وفي كليته كوحدة كبرى , تتألف من كلية الانساق المختلفة , ولعل الاهتمام الخاص والمتزايد بالسيميائية (التي تأسست ردا على الالسنية) هو نتيجة حاجة مختلف فروع المعرفة لادوات اجرائية قادرة على الوصف والتفسير والتحليل بدرجة عالية من الدقة , اذ نراها تصلح حاليا لان تكون وسيلة فعالة لاستقصاء انماط متنوعة من عمليات الاتصال والتبليغ))1 يعنى الالقاء الاذاعي والتلفزيوني بالانظمة القولية , بدء بنظام الكلمة وأنتهاء بنظام الخطاب , إذ ان الميزة الصوتية والدلالية والصرفية للكلمة , تأتي في اطار اوسع , اي في نطاق نسقين من الانسقة اللغوية والمعرفية هما نسق الجملة ونسق الخطاب . وهذا ما نسعى الي تبيينه في هذا البحث.