مجلة ابحاث ميسان (Jan 2023)
فساد السلطة الأموية وأثرها في خروج الولاة, حركة ابن الأشعث أنموذجاً
Abstract
لابد للسلطة الحاكمة من انتهاج سياسة معينة مع رعاياها, قوامها الأساس المحافظة على استقرار أوضاعهم, لان في الاستقرار ضمان بقاء سلطانها قائما على العباد, ويصلح البلاد؛ حاكمها ومحكومها, وبذلك ينشغلون بأعمار دينهم ودنياهم عن أمور السلاطين والتدخل في شؤونهم, فيعم الخير والرخاء ويسعد الجميع. والعكس صحيح, فإذا فسدت السلطة الحاكمة واتبعت مع رعاياها أساليب ملتوية, وانتخبت شخصيات طائعة لها, راضية بان تكون أداة تنفيذ سياستها الفاسدة, عندها يقع المحذور وتفسد الرعية, ويعم الظلم والجور في البلاد, فتعلو أصوات الثائرين ضد سياستها ورجالات حكمها. لقد أنتجت دولة بني أمية؛ دولة الجور والظلم, جملة من رجال السلطة, اخذوا على عاتقهم مسؤولة ضمان بقاء سلطانها الزائل من خلال إذلال المسلمين من العرب والموالي, متبعين سياسات متلونة اقلها اللين والشدة, فأحدثوا العجائب التي يندى لها جبين الإنسانية, فسجلهم الإجرامي ملئ صفحات التاريخ؛ حتى فاحت منه رائحة فسادهم النتنة, فتجذرت هذه الشخصيات في السلطة لتصبح أسراً تتوالد الخدمة والطاعة لأسيادهم الأمويين, بل مضت تتسابق لدرجة كثر بينهم التنافس والتزاحم في دنيا بني أمية, تغويهم شهوة السلطة وتدفئهم نيران أصولهم القبلية المقيتة, فاحتدم التصارع حتى وقع الاقتتال بينهم, وربما تطورت الأحداث إلى إعلان العصيان وخلع الحاكم الأموي نفسه. وما وقع بين عبد الرحمن ابن الأشعث الكندي والحجاج الثقفي من حروب طاحنة أضرت بالبلاد والعباد؛ إلا هو مصداق ناطق لفساد السلطة الأموية.