مجلة الآداب (Sep 2015)
أحوال المجاهدين خلف الدروب الرومية في صدر الاسلام من خلال روايات ابن عساكر في كتابه تاريخ مدينة دمشق الكبير
Abstract
بعد متابعة تفاصيل البحث وجزئيّاته بالدراسة يمكن ان نخلص الى ان المؤرخ ابن عساكر عُدَّ من المؤرخين والمحدّثين الثقات الذين وضعوا قواعد التوثيق والتأصيل في التدوين التاريخي والذين نالوا ثناء مشايخهم ومعاصريهم واللاحقين لهم , فقد اتسم بالأمانة والدقة في نقل الروايات التاريخية ذات الصلة بموضوع البحث من خلال ذكره مصادرها ورواتها دون تحرّج او تكلّف كل في موضعه , وبدا أنه لا غنى لمن أراد دراسة تاريخ الجهاد الاسلامي على جبهة الروم من العودة اليه , لأنه نقل رواياته الخاصة بهذا الشأن عن مصادر تاريخية متخصصة ودقيقة غاية في الأهمية تعد الآن في عداد المفقودات . إذ قدمت رواياته صوراً مهمة عن أحوال المجاهدين خلف الدروب الرومية لم يكن يسيراً على الباحث أن يجدها فيما سواه من المصادر فقد ظهر أن أولئك المجاهدين عبروا الدروب منذ وقت مبكر في العصر الراشدي , ثم تلت ذلك حملات جهادية كثيرة في العصر الأموي تفاوتت فيها أعداد المجاهدين تبعاً لطبيعة المهمّات المراد منهم انجازها وطبيعة دفاعات عدوهم الروم والأرض التي ستجري عليها المعارك , كما أظهرت الروايات أن اختيار قيادات أولئك المجاهدين لم يكن عشوائياً إنما كان يتم ذلك بدقة عالية وروية يصطفى بها الرجال المؤهلون لمثل تلك المهمات , ممن لهم صفات ومزايا تمكنهم من نيل ثقة الخلافة آنذاك , كما بينت الروايات أن المجاهدين خلف الدروب كانوا على درجة عالية من الأيمان والتقوى وقد تجسد ذلك بعفافهم وأمانتهم وزهدهم بعروض الدنيا الزائلة إذ قدموا أروع الأمثلة في ذلك وفي عدة مواقف خلدتها المصادر التاريخية , كما تحلى المجاهدون قيادةً وجنداً بذكاء ميداني مميز أهلهم لمقارعة عدو صعب المراس مثل الروم الذين خبروا فنون الحرب وألفوا طبيعة بلادهم وتضاريسها , وكان للمجاهدين خلف الدروب طريقتهم الخاصة في النفير والتحشد و استحضروا مبادئ الحرب التي اظهرت خبرتهم الحربية وتفتح أذهانهم بشكل يسّر لهم التأقلم والتفاعل مع البيئة التي سيقارعون فيها عدوهم .
Keywords