مجلة الآداب (Mar 2023)
المهام العاجلة والآجلة في حركة الإسلام السياسي المعاصر
Abstract
(المهام العاجلة و الآجلة) هو عنوان جزئي لأحدى مؤلفات فلاديمير لينين، استعرتها هنا لسببين، وهما السبب الأول أن جوهر ومضمون دراستي هذه يتحدث بالفعل حول أوليات التنظير والممارسة في الحركات السياسية، والاستعارة الأصلية من العنوان الجزئي تناقش وتطرح طبيعة وعناصر وأركان البنيات التنظيمية من حيث الشكل ابتداء، بمعزل عن العلاقة أو الصلة بين الصيغة التنظيمية للحركة السياسية والمضمون الإيديولوجي الذي تطرحه أو تحاول التعبير عنه، والسبب الثاني هو الاقتراب أو أكثر من الاقتراب، من التطابق بين البنية الهيكلية في الجماعات اليسارية الشمولية (نماذج حركات و أحزاب الفكر الماركسي) وبين البنية الهيكلية في الجماعات اليمينية الشمولية (نماذج حركات وأحزاب الفكر الإسلامي/ مثال حركة النهضة في تونس من خلال رؤية وتصورات مؤسس الحركة راشد الغنوشي)، وهنا تقترب من حيث المضمون في صياغة القرار التنظيمي والقرار الإيديولوجي من حيث الجوهر انتهاء، وبعد أن أوضحت علة الاستعارة اللينينية، انتقل إلى تحليل مضمون الدراسة، فأقول أن دراستي هذه قد قسمتها إلى ثلاثة مقاصد، وكل مضمون يتناول مهمة من المهام، فكان المقصد الأول موضوعه هو المهام العاجلة لحركة الإسلام السياسي من خلال رؤية الغنوشي، فأن طبيعة المهام العاجلة هي المهام التي لا تحتمل التأجيل، وهي في الوقت ذاته تعبر عن الوظيفة الأصلية والحقيقية التي صاغ من أجلها الغنوشي نصوصه وخاض صراعاته التنظيمية والإيديولوجية، لهذا فأن البحث في المهام العاجلة هو البحث عن محاولة الإجابة عن التساؤلات المركزية في حركة الإسلام السياسي التونسي المعاصر وفقا للرؤية الغنوشية، فكان السؤال المركزي الأول هو السؤال حول طبيعة التنظيم الداخلي وعلاقة تلك الطبيعة بالمضمون الإيديولوجي للتنظيم، من خلال الرؤية الدينية للتنظيم والرؤية الوضعية للتنظيم، وحتى استطيع الوصول إلى تلك الرؤية الغنوشية كان لابد من طرح نماذج أصولية سابقه للقياس عليها، والحكم من خلالها، وكان النموذج الأول هو الإسلام السياسي المصري المعاصر وفقا لرؤية حسن البنا، والنموذج الثاني هو الإسلام السياسي الباكستاني المعاصر وفقا لرؤية أبي الأعلى المودودي، وذلك لأسبقية التجربتين من جهة وعمقهما من جهة ثانية وامتداداهما من جهة ثالثة، والسؤال المركزي الثاني الذي سوف أحاول الإجابة عليه، وهو أيضا من طبيعة المهام العاجلة هو السؤال الذي يتناول الهرمية التنظيمية، والذي أحلل فيه إمكانيات تواصل واستمرار حركة النهضة في العمل السياسي، تنظيرا و ممارسة، و الاستعداد الدائم لمواجهات المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، وهذا الاستمرار يفسر تشكل أو أنشاء التنظيم الخاص/ الجهاز الخاص في حركة النهضة، والذي صاغ طبيعته الأساسية الغنوشي من خلال نصوصه ذات الطبيعة التنظيمية والتوجيهية، وسيطر عليه، وتمكن من خلاله من التحكم التام بحركة النهضة، والسؤل المركزي الثالث هو أمكانية الإجابة حول شكل العلاقة التنظيمية بين قيادة حركة النهضة والقواعد الشعبية للحركة، فأن هذا الشكل لم يكن على نسق واحد، وأنما نسق مرن ومتحرك مع الواقع السياسي المتغير ومع النمو المعرفي المتجدد، مما أعطى لحركة النهضة ومؤسسها الإمكانية في التكيف والتواصل والتأثير، وبعد محاولة الإجابة عن الأسئلة المركزية والتي هي أسئلة المهام العاجلة، وكانت تعبير وترجمة للبنية العميقة لتصورات الغنوشي وحركته، حول طبيعة التنظيم السياسي والبنية الهيكلية والعلاقة التنظيمية بين قيادة حركة النهضة وقواعده الشعبية في حين مثلت الإجابة عن المهام الآجلة، الإجابة عن الوجه الثاني للحركة وللغنوشي، وهي مسألة مفروضة مقترحة في امتلاك الحركة الأصولية خطابا سياسيا ثنائيا أو خطابا مزدوج، خطابا يحاكي الأعضاء المنضمين، وهو الخطاب الجوهري والمعبر عن غايات الحركة وأفكار مؤسسها، فكان البحث في المهام الآجلة هو البحث في الأفكار التي تحاول الإجابة عن مشتركات تمتلك راهنية فاعلة في الفكر المعاصر والمجتمع المعاصر على حد سواء، فكان السؤال الأول حول مفهوم الحرية. بين رؤية الفكر الغربي ورؤية الفكر العربي، وفي هاتين الرؤيتين سوف يتم مناقشة تصورات الغنوشي من المفهوم واشكاليته، وفيه يطرح الغنوشي تصوره والذي يفترض فيه أن الفكر الغربي قد تعاطى مع الحرية من دون الارتكاز على أسس ثابتة، وكانت غاية الفكر الغربي إيجاد نوع من التوازن بين الميول الإنسانية الايجابية والميول الإنسانية السلبية، ونشأ عن هذا الفهم أيضا ملاحظة الغنوشي وتقديرا للمنظومة الأخلاقية الغربية والتي تصور أو تنطلق من الطبيعة الذاتية للإنسان، لذا فهو يطرح تصورا للحرية من خلال رؤية إسلامية طارحا تصورا أصوليا للحرية، وهذا التصور الأصولي لا يكون مصدره الإنسان ولا يكون مصدره الحق الطبيعي، ولكن مصدرية الحرية الأصولية على وفق فهم الغنوشي، أنها تصور عن بعد وجودي يتجاوز وجودية الإنسان، والسؤال الثاني في المهام الآجلة هو السؤال حول الديمقراطية في هذا السؤال أحاول الإجابة عن رؤية الغنوشي من الجانب الشكلي للديمقراطية ومن الجانب الموضوعي، من خلال الفكر الغربي والفكر العربي، يؤشر الغنوشي تكريسه للجانب الشكلي في الديمقراطية أو الجانب الإجرائي بوظائف متعددة من الترشيح و تأسيس الحركات والأحزاب وفصل السلطات، ولكنه لا يسير على طول الخط مع المستوى الشكلي، فيفترض أن الرؤية الديمقراطية المتكاملة تكون في العزل الذي يقيمه بين البعد المادي والبعد الروحي، وحتى يعالج الغنوشي الضعف النسبي في الديمقراطية الغربية، يطرح تصوره حول الديمقراطية الإسلامية أو مسألة الشورى، والتي تأخذ بالبعد الشكلي للديمقراطية الغربية وتأخذ بالبعد الموضوعي في الديمقراطية الإسلامية، والتي تتركز على مبادئ الشريعة الإسلامية وتنسجم وتعبر عن واقع المسلمين، والسؤال الثالث في المهام الآجلة هو السؤال حول المساواة، أي المساواة على مستوى النص والمساواة على مستوى الواقع، في بعدين، أولهما طرح رؤية الغنوشي حول المساواة داخل الشريعة الإسلامية والمساواة خارج الشريعة الإسلامية، ولقد طرح هذا السؤال نتيجة عرض تصور الغنوشي ومناقشته انطلاقا من مرجعيتين مختلفتين وهما مرجعية النص القرآني ومرجعية محمد الطاهر بن عاشور، وفيها يفترض الغنوشي في هذه المعالجة والتي اقتبسها من مرجعياته (مرجعية النص القرآني ومرجعية محمد الطاهر بن عاشور) في الاستفادة من عمومية الخطاب الإلهي والتي أسسها الغنوشي على المساواة على مستوى النص، والتي انطلق منها إلى المساواة على مستوى الواقع، وبعد مناقشة الأسئلة المركزية في المهام العاجلة والأسئلة في المهام الآجلة، سوف انتقل إلى مناقشة جدلها، أي جدل المهام، وهي مناقشة مركبة قائمة على أصولهما، وسوف ابحث في هذا المركب الجدلي عن ثلاث راهنيات، وهي الراهنية الأولى وهي راهنية الإسلام السياسي، والتي تمثل الدائرة الكبرى في جدل المهام، وسوف أناقش في هذه الراهنية، مسألة أمكانية وقدرة الإسلام السياسي على استمرارية وتواصل من خلال تحليل دلالات النص الديني، والتي توظف في مجالات مختلفة، وفي هذه الراهنية يتم تكثيف التركيز على الأطروحة المؤسسة بأن الإسلام رسالة وليس حكم في الفكر الإسلامي المعاصر، وهي أطروحة علي عبد الرازق، والتي هي النقيض من أطروحة الغنوشي، والتي تفترض أن الإسلام دين ودولة، وفي الراهنية الثانية يتم مناقشة راهنية حركة النهضة والتي تمثل الدائرة الوسطى في جدل المهام، بين راهنية الإسلام السياسي وراهنية راشد الغنوشي، في هذه الراهنية، أي راهنية حركة النهضة سوف يتم مناقشة أمكانية المشاركة السياسية لحركة النهضة وفقا لبرنامج انتخابي وليس وفقا للهيكلية التنظيمية، وفي هذه الراهنية اعقد مقارنة بين المشروع السياسي لحركة النهضة في ظل الهيكلية التنظيمية والمشاركة السياسية في ظل البرنامج الانتخابي، وفي الراهنية الثالثة، راهنية راشد الغنوشي سوف يتم تحليل الدائرة الصغرى في جدل المهام، وهي تواصل الغنوشي على مستوى التأثير والوجود النصي وعلى مستوى التأثير والوجود الشخصي، والسبب من وراء ذلك يكمن في الارتباط الجوهري بين مصير مؤسس أي تنظيم أصولي ومصير التنظيم الأصولي ذاته، لعدم الفصل في التنظيم الأصولي بين البعد الشخصي والبعد المؤسسي، فهو مرتبط بشخصية المؤسس وجودا وعدما، إلى حد بعيد. فرضية البحث: • على الرغم من أن الجماعات الأصولية تتبنى أيديولوجية دينية، إلا أنها في الجانب التنظيمي والهيكلي تستدعي وتستعير الهيكلية التنظيمية للايديولوجيات المختلفة. • توظف الجماعات الأصولية، بنية خطاب مزدوج أو ثنائي، خطاب عام تعبوي، يوجه للجمهور اللا منتمي رسميا للجماعة، ينسجم مع النظام العام والدستور والقانون، وخطاب خاص حزبي، يوجه للأعضاء المنتمين للجماعة، ينسجم من النظام الخاص للجماعة والغايات الحقيقية للجماعة. • ترتبط الجماعات الأصولية ارتباطا جوهري وصميمي بمؤسسها، على مستوى الوجود النصي وعلى مستوى الوجود الشخصي، إلى حد أن هذا الارتباط يؤثر على وجود الجماعة الأصولية حاضرا ومستقبلا. أهداف البحث: • تحديد وتحليل المهام العاجلة للجماعات الأصولية في نموذج (حركة النهضة في تونس وفق نص راشد الغنوشي) من خلال شرح عناصرها المكونة الثلاثة وهي (طبيعة التنظيم الداخلي والهيكلية التنظيمية والعلاقة بين القيادة والقاعدة). • تحديد وتحليل المهام الآجلة للجماعات الأصولية في نموذج (حركة النهضة في تونس وفق نص راشد الغنوشي) من خلال شرح عناصرها المكونة الثلاثة وهي (الحرية الأصولية والديمقراطية الإسلامية والعدالة النصية). • تحديد وتحليل جدل المهام العاجلة والآجلة للجماعات الأصولية في نموذج (حركة النهضة في تونس وفق نص راشد الغنوشي) من خلال شرح راهنية عناصرها المكونة الثلاثة وهي (الإسلام السياسي وحركة النهضة وراشد الغنوشي). منهج البحث: • المنهج التحليلي. • المنهج المقارن.
Keywords