Rize İlahiyat Dergisi (Oct 2024)
دليل إثبات وجود العقل المجرد عند نصير الدين الطوسي: قراءة تحليلية
Abstract
تتناول هذه الدراسة تحليل الأدلة التي استخدمها نصير الدين الطوسي (ت. 672/1274) في إثبات العقل المجرد. ولكون طريق الإثبات الموجودة عند الطوسي مبنية على طرق فلاسفة ومفكري ما قبل الطوسي، قمنا بتحليل تلك الطرق لأجل إضفاء الوضوح على دليل الطوسي. حينما نقرأ التاريخ الفلسفي الإسلامي، نجد أنّ مصطلح العقل في بداية استخدامه الفلسفي، كان يؤدي معنا معرفيا بالذات، إلا أنّه مع مرور الزمن أخذ هذا المصطلح منحا وجوديا. فعلى سبيل المثال، استخدم فلاسفة مثل الفارابي (ت. 339/950) وابن سينا (ت. 428/1037) العقل بمعنى أنطولوجي، مع قبولهم لما يحتويه مصطلح العقل من الناحية الوظيفية لمعاني الإدراك والمعرفة، حيث أنّهم قالوا بكونه مبدأ أو علة للوجود. والسبب في ذلك هو أنّ هذين الفيلسوفين خاصة يفسران الوجود بناء على نظرية الفيض. لكنّ الفلاسفة مع تكلمهم عن العقل بهذا المعنى، تطرقوا الى مسألة وجوده وحاولوا إثباته بطرق مختلفة. خاصة وأنّ الفلاسفة المذكورين أعلاه فسروا العقل بالتمسك بنظرية الفيض، كما أثبتوا وجوده بناء على نفس النظرية. إنّ الطوسي من حيث بنيته الفلسفية، يُعتبر من المفكرين الذين تأثروا بالفلاسفة المشائين عمومًا كابن سينا، ولكنّه مع هذا يختلف عنهم جزئيًا، خاصة في سياق الوجود ومبادئه. لكون الطوسي ينتقد نظرية الفيض الإلهية التي طورها ابن سينا لتفسير الوجود. ولأجل هذا السبب ايضا، فهو ينتقد الأدلة التي استخدمها ابن سينا لإثبات وجود العقل المجرد الموجود ضمن تلك النظرية. وعلى الرغم من انتقاده لهذه الأدلة، وخاصة في كتابه تجريد الاعتقاد، إلا أنّه يقبل بشكل عام وجود العقل المجرد، ولإثبات وجوده، يستخدم أدلة مختلفة عمّا هو موجود عند ابن سينا. إنّ الطوسي قد خصّص رسالة مختصرة مستقلة لإثبات وجود العقل المجرد، فهو قد حاول إثبات هذا النوع من العقل في تلك الرسالة، من دليل متكون من ثماني مقدّمات. إنّ الدليل الذي يستخدمه الطوسي في هذا المجال، دليل معرفي في أساسه، لأنّه يرى بأنّ العقل المجرد هو مصدر الصور العقلية، ويسميه أحيانًا نفس الأمر. ولهذا السبب فبحسب الطوسي، لا يمكن إثبات وجود ذلك العقل إلا من خلال الانطلاق من الصور العقلية والمبادئ المعرفية التي يمكن للبشر إدراكها. فإنّ تلك المفاهيم والمبادئ المعرفية المُسلّم بها، لا يمكن أن تكون صحيحة إلّا بوجود مبدأ خارجي يُقاس عليها، ومن ثم فهو يرى أنّ المعيار في صحة هذه المبادئ هو العقل المجرد. لو نظرنا الى إثبات الطوسي لهذا النوع من العقل من الناحية المعرفية، فإنّنا نجده محوالا لإثبات صدق المعلومات البديهية أيضا. فمن هذا المنطلق يمكننا القول بأنّ هدفه في دليله هذا ليس فقط إثبات العقل المجرد، بل أيضا هو محاولة لإثبات صدق المعلومات الأولية. كما أنّ أغلب المقدمات التي تُشكّل دليل الطوسي هذا، موجودة في كتب الفلاسفة السابقين بأشكال مختلفة، إلا أنّه من الممكن القول بأنّها أصلية من حيث التأليف البرهاني. في الحقيقة ان أهمية هذا البحث تكمن في هذه المسألة، حيث إنّه يسلط الضوء على مسألة إمكانية إثبات العقل المجرد عن طريق معرفي صرف. الكلمات المفتاحية