Atebe (Jun 2023)

جرائم الحرب الواقعة على الأشخاص والأموال

  • Nadji Djekaba

DOI
https://doi.org/10.51575/atebe.1262551
Journal volume & issue
no. 9
pp. 191 – 220

Abstract

Read online

الحرب، بلا شك، تمثّل ساحة القتل والقتال والسعي لإضعاف طرف العدوّ. إلا أنّها ليست بأي حال من الأحوال مكانًا لاستحلال أي فعل؛ على الرغم من وجود قواعد الحرب وقوانينها التي تنظم سلوك المقاتلين، إلا أنّ هناك أفعالًا معينة تعتبر مجرمة ومحظورة حتى وإن وقعت في زمن الحرب. يطلق على هذه الأفعال مصطلح "جرائم الحرب"، وهي تندرج ضمن إطار القانون الدولي الإنساني. فعلى الرغم من عدم اعتماد الفقه الإسلامي على مصطلح "جرائم الحرب" بشكل صريح، إلا أنّ فكرتها ومضمونها متجذر في كتب الفقه الإسلامي، خاصة في أبواب الجهاد والسير، عند الكلام عن أخلاق الحرب وآدابها. يأتي هذا البحث ليسلّط الضوء على جهود الباحثين في إرساء مفهوم جرائم الحرب من ناحية فقهية، محاولا دراسة أهم أركان جريمة الحرب كونها جريمة دولية. بالإضافة إلى ذلك سيحاول هذا البحث تناول النصوص المؤسسة لتوجه الشريعة في تجريمها لبعض الأفعال والسلوكيات والتصرفات في أثناء القتال، وأبرز تلك الأفعال والسلوكيات المجرمة شرعا والمُدرجة كجريمة حرب يمكن ترتيب عقوبة عليها، فتنصّ الشريعة الإسلامية على أنّ المقاتل ليس حرًّا في ارتكاب أي فعل يريده خلال القتال، بل جعلت لذلك قواعد وضوابط حاكمة ومنظمة لسلوكه في إطار تنظيمها للحرب والنزاعات المسلحة. تضمّنت تلك القواعد الأخلاقية التي طوّرتها الشريعة الإسلامية تنظيمًا دقيقًا لسلوك المسلمين في الحروب والقتال، حيث فرّقت بين المقاتلين وغير المقاتلين في جواز الاستهداف وعدم الجواز، فجرّمت ومنعت استهداف فئات معينة من الأشخاص مثل المدنيين والجرحى وأضفت الحماية عليهم، وأدخلت في مسمّى المدنيين كل الفئات التي لا يصبّ مجهودها في العمليات الحربية مثل الأطفال والنساء وكبار السن وغيرهم. كما تضمّنت القواعد الشرعية التي وضعتها الشريعة الإسلامية حماية لأسرى الحرب، حيث تم تحديد وضعية خاصة لهم تضمن لهم الحماية والمعاملة الإنسانية، ومنعت تعذيبهم أو إكراههم على اعتناق الإسلام. وتجدُر الإشارة إلى أنّ الشريعة الإسلامية لم تقتصر على تجريم استهداف الأفراد فحسب، بل نصّت أيضًا على تجريم استهداف الأموال والأعيان المدنية التي لا يستعملها العدو في الحرب، أو التي تكون كطرف محايد مثل المستشفيات ودور العبادة والأماكن التاريخية والأثرية. ولعلّ التجربة التاريخية الإسلامية خلال الفترة النبوية وفترة الخلفاء الراشدين حين فتوحهم، وتاريخ المسلمين من بعدهم في الحروب يُعدُّ أبرز انعكاس على تلك القواعد الشرعية التي وضعتها الشريعة الإسلامية، فالتزم المسلمون في حروبهم بتلك القواعد فلم يعرف التاريخ حروبا أكثر إنسانية من حروب المسلمين.

Keywords