الفكر الإسلامي المعاصر (Oct 2003)
المناهج النوعية والكمية: قراءة أولية في المنطلقات المعرفية
Abstract
تنطلق كل من المناهج التجريبية الكمية، ونظيراتها النوعية أو الكيفية، من منطلقات معرفية متباينة؛ ففي الوقت الذي تعد فيه المناهج الكمية نتاجاً للاتجاه الوضعي، وتطبيقاً للمنهج العلمي التجريبي في بحوث الزراعة، وللنظرية السلوكية في علم النفس، تعد المناهج النوعية ربيبة الاتجاه التأويلي وتطبيقاته في البحوث الاجتماعية والأنثروبولوجية.[1] على هذا الأساس، يغدو من الضروري التعريف بالمنطلقات المعرفية لكل من ذينك الاتجاهين، كأرضية مهمة لتناول أبرز المناهج التي انبثقت عنهما.[2] وبطبيعة الحال، ما كان لتلك المناهج التي تولّى الغرب مهام تصنيعها وترويجها إلا أن تأتي تعبيراً منحازاً عن منطلقات معرفية غربية الهوية والروح؛[3] فقد جاءت لتعكس الأصول المرجعية الضابطة والأطر النظرية الموجهة التي يحتكم إليها الغرب في تشكيل نظرته إلى الوجود، وفي إضفاء المعاني على موجودات هذا العالم، وهو الأمر الذي لا يمكن إلا أن يتداخل مع قضية وجود الإنسان ذاته، مع ما يتصل بذلك من مسائل جوهرية كثيرة، تتعلق بطبيعة الإنسان في مبتدئه ومآله، والحكمة من وجوده، وحدود إمكاناته، وآفاق معرفته، وعلاقته بالآخرين، وبالكون، وبالخالق جل جلاله. وتمارس تلك المنطلقات المعرفية دوراً بالغ التأثير، ليس فيما يتعلق بتحديد طبيعة النتاج المعرفي للإنسان فحسب، وإنما فيما يتصل أيضا بضروب معاشه وأنماط سعيه في هذه الحياة. هذا، وفي ضوء توافر الكثير من الكتب التي تناولت مناهج البحث الاجتماعي من جوانب مختلفة؛ فإن عنايتنا لن تتجه إلى التفصيل في ما كفتنا تلك الكتب مئونته، لينصرف جهدنا، في المقابل، إلى تسليط الضوء على جوانب مختلفة تتعلق بتلك المناهج، يندرج بعضها ضمن نطاق البعد المعرفي، الذي قد يتناول مواضع القصور فيها، أو حدود قدرتها على القياس، أو طرائق توظيفها …الخ، فيما يندرج بعضها الآخر تحت إطار البعد القيمي، بما يتضمنه من مسائل (أخلاقية) يمكن أن تمتزج بتطبيق تلك المناهج أو تنجم عنها. ومهم هنا التوضيح بأننا لن ننغمس في ضوء محدودية الوقت والمجال في تتبع مختلف الجوانب المتعلقة بكل من هذين البعدين، مكتفين بإبراز ملامح عامة منهما، يمكن أن تسهم في خدمة أهداف الدراسة وتوضيح أطروحتها الرئيسة، التي تصب في تيار القول: إن انتساب الأدوات المنهجية المهيمنة إلى بيئات ومنطلقات معرفية معينة، من شأنه أن يجعل منها ألحانا ناشزة؛ إذا ما تم إقحامها، دون ضبط أو توليف، وربما إعادة تأليف، على "النوتات" التي تعزفها الجوقات البحثية في بيئات حضارية مغايرة ... للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.