مجلة الآداب (May 2019)

استطلاعات الرأي العام وعملية اتخاذ القرار في الأنظمة المركزية والديمقراطية

  • عبد المنعم كاظم مطلب الشمري

DOI
https://doi.org/10.31973/aj.v1i116.467
Journal volume & issue
Vol. 1, no. 116

Abstract

Read online

إن أتساع المجتمعات والتطور المتسارع في وسائل الاتصال ونظم المعلومات، صاحبة تغير ملحوظ في الأنظمة السياسية الحاكمة التي هي الأخرى احتاجت إلى آليات جديدة للتخاطب مع أفراد المجتمع وفهم آرائهم واتجاهاتهم إزاء قضايا المجتمع. وقد شهد العالم تغيراً نوعياً بعد الحرب العالمية الثانية إلى ما بعد الحرب الباردة بين قطبي النزاع آنذاك – الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية – وكان أحد أهم انعكاسات هذه التغييرات هو المناداة بحقوق الإنسان، وتوعية المجتمعات لما تسببه الأنظمة السلطوية من كبح للحريات وامتهان للفرد، وكانت تحتاج إلى توظيف وسائل الإعلام نحو تكوين رأي عام مؤيد لها في حربها ضد الديكتاتورية والأنظمة الفاسدة. توسع عمل مؤسسات الرأي العام التي ضمت عدد كبير من الأدوات التي تعمل بشكل منظم للحصول على نتائج إيجابية فظهرت مراكز دراسات الرأي العام في البلدان الأكثر ديمقراطية، وقد ساعدت وسائل الاتصال الجماهيرية على تشكيل الرأي العام بما يخدم قضية ما، كما مكنت مراكز استطلاع الرأي العام السياسيين من فهم رغبات الجمهور أثناء خوضهم الانتخابات، ولم يقتصر دورها عند هذا الحد بل كانت بمثابة مقياس يمكن عن طريقة تشخيص الخلل داخل المجتمع حول القضايا المهمة وذات التأثير، والرأي العام أصبح – بعد الدراسات المعمقة التي خضع لها – علماً قائماً بذاته يرتبط بعلوم أخرى. يؤكد أرسطو أن الرأي العام عامل من عوامل تدمير السلطة أو مساندتها، كما ويشير (ميكافيلي) في كتابه (الأمير) أن المهم هو أن يكون الأمير جديراً بتمثيل الشعب لأنه هو الأقوى والأقدر، وفي نظر (هوبس) ان العالم يحكمه الرأي العام، ويرى (باسكال) في الرأي العام أنه ملك العالم بينما يرى في القوة أنها طاغية العالم. ووضع (وليم تاميل) صورة لنظرية الرأي العام كمصدر للسلطة فتصور أن الرأي العام هو قاعدة كل حكم وأساسه. والواقع أنه يمكننا القول أن كل حكم أنما يقوى أو يضعف بمقدار ما تنمو أو تنقص الخطوة التي يتمتع بها الحاكمون في أوساط الرأي العام، ولذا أصبح موضوع الرأي العام من أهم مواضيع علوم الاتصال وعلم السياسة، وهل هناك أمر أهم من رأي جماهير الشعب التي تكون ركناً أساسياً للسلطة والدولة؟ فكيف إذا كان هذا الرأي يشمل عدة جماهير وشعوب حيال مشكلة تهم الجميع فيصبح للرأي الصفة الإقليمية أو الدولية كالرأي حيال قضايا الحرب والسلام والتغذية والتنمية ومبادئ حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وتوزيع الثروات الطبيعية خاصة النفطية ...الخ. إن ظاهرة الرأي العام في الحرب على ظاهرة الإرهاب والحد من السلاح النووي وتعميم الديمقراطية والعدالة الدولية وحقوق الإنسان هي من الأمثلة التي ستحدد المسار المستقبلي للسنوات القادمة من القرن الواحد والعشرين. وبناءً على أهمية الرأي العام عند متخذي القرار ولمختلف النظم السياسية جاءت الحاجة ملحة جداً لمعرفة وسبر أغواره ومعرفة ما يفكر به الجمهور إزاء أية قضية تشغل تفكير متخذي القرار، ولا يمكن معرفة ذلك إلا بإنشاء مراكز متخصصة لاستطلاع الرأي العام بإمكانها مساعدة متخذي القرار ووحداته بتوفير المعلومات الحيّة والحقيقية عنه لاتخاذ قرارات رشيدة إزاءها. ولابد من الإشارة أن نوع النظام السياسي هو الذي سيتخذ الموقف المناسب إزاءه حول قراءة الرأي العام والإطلاع عليه، وتأتي قرارات هذا النظام على ضوء نوع السياسة التي يؤمن بها. أن بحوث ودراسات استطلاعات الرأي العام تحظى بقبول كبير جداً عند الأنظمة السياسية الديمقراطية، بل وتعتمد على معطياتها وتتخذ القرارات بناءً عليها، بينما الأنظمة السياسية المركزية أو الدكتاتورية لا تهتم بهذه الدراسات والبحوث ولا تأخذ بها حتى لو مارستها، فأنها تتخذ القرارات إزاء القضايا الملحة بناءً على عقيدتها وأهدافها السياسية فضلاً عن تداخلها في نتائج الاستطلاعات وتكييفها أحياناً بما يتفق مع ما تود أن تتخذه من قرارات. ويهدف هذا البحث في منهجه النظري التاريخي بالتعرف على طريقة الأنظمة السياسية المركزية والشمولية والأنظمة الديمقراطية وما هي أهمية بحوث استطلاع الرأي العام في النظامين المذكورين، فضلاً عن إشكاليات التعامل مع الرأي العام واستطلاعاته في البلدان العربية. وقد ضم البحث في هيكليته مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة سلط الفصل الأول الضوء فيه على مفاهيم استطلاعات الرأي العام وأهميته وجاء الفصل الثاني ليوضح معالم الأنظمة السياسية والمركزية وكيفية تعاملها مع مراكز البحوث في اتخاذ القرار، وبين الفصل الثالث أهمية استطلاعاً الرأي في الأنظمة السياسية، وخلص البحث بخاتمة واستنتاجات، سيبين البحث عرضها وأهميتها.

Keywords