مجلة ابحاث كلية التربية الاساسية (Dec 2012)

ملامح الحضارة العمرانية في شعر السَّريّ الرَّفَّاء (ت 362هـ/977م)

  • أ.م.د.ساهرة محمود الحبيطي,
  • civilization

Journal volume & issue
Vol. 11, no. 4
pp. 122 – 148

Abstract

Read online

تهدف الدراسة المقتضبة إلى الكشف عن الأبعاد الموضوعية للحضارة العمرانية في المجتمع العباسي عند الشاعر الموصلي السَّريّ الرَّفَّاء وتطمح إلى محاولة رصد المضامين والخروج بنظرة كلية تحدد مدى عمق ذلك عند شاعر من كبار شعراء العصر العباسي وكان المنهج المعتمد في الدراسة قائما على انتقاء أبيات من الديوان واعتماد العرض والتحليل والمزاوجة بين الجوانب الموضوعية والخصائص الفنية في آن واحد ولغرض متابعة تلك الموضوعية وإيحاءات الشاعر ارتأينا جعل البحث قائما على وفق المباحث الآتية يسبقها تمهيد يضم حديثا عن الحضارة والعمران العباسي إذ اهتم الخلفاء ببناء القصور والمقاصير والبرك وملحقاتها والقلاع والأديرة والجسور وغيرها، وقد لفت انتباه الشعراء تقدم العمران وتطور الحياة عما كانت عليه في العصور السابقة إذ وقفوا على تلك الحضارة وبدائع الفنون فأبدعوا في تصويرها خياليا وحسيا ولاسيما عند شاعرنا بما امتاز به وصفه من دقة العبارة وجمال الأسلوب وتداخل بين ذات الشاعر والموضوع المتحدث عنه، فكان الشاعر قريبا مكانيا ووجدانيا من تلك الحضارة في مدينة الموصل – مسقط رأسه – ومدينة حلب عاصمة إمارة بني حمدان والمعالم الأخرى. كما يكشف البحث عن طبيعة التصوير لذلك كان وصفا ظاهريا خارجيا أم تعدى ذلك إلى وصف داخل العمران وما كان على جدرانه وسقوفه من زخارف ونقوش وفنون أخرى، وما وصفه لذلك إلا دليلٌ على ما يكنُّهُ من حب وإخلاص لوطنه لأن تلك الملامح الموصوفة كانت رمزا للعز والمجد العربي الإسلامي أمَّا المبحث الأول فتضمَّن حديثا عن وصف القصور وملحقاتها إذ تفنن الخلفاء في بنائها وزخرفتها وقد سعى الشاعر إلى تأطير المكان جغرافيا والكشف عن أبعاد تلك المدنية والحضارة وتأثيرها في نفس مشاهديها، أما المبحث الثاني فتضمن وصف الحرَّاقات أو السفن والعربات إذ جاء الوصف جديدا أسوة ببقية شعراء العصر فلم يكتف بوصف الألواح والمسامير المستخدمة في الصنع بل وصفها عندما كانت صورتها على هيئة العقاب أو الدولفين أما العربات فقد جاء وصفها على شكل (دُهُم سود) فهي كالخيل تتسابق في حركتها فوق الماء فتثير حبابا أبيض كأنه نقع كافور. أما المبحث الثالث فتضمن وصف (الأديرة) ولم يقتصر الوصف على ذكر البناء والموقع بل ذكر أنها كانت مقصد الشعراء يستمتعون بمناظرها ورياضها النضرة وخمورها المعتقة من قبل القساوسة لكي تدر عليهم رزقا كبيرا ولعل أشهر الأديرة التي وصفها الشاعر هما (دير الأعلى) بالموصل والدير الشرقي وجاء وصفه تصويرا لما يجري في داخلهما من شراب ومقصف ومنادمة وغيرها. أما المبحث الرابع فقد ضم أوصافا أخرى مثل أوصاف القلاع والقباب المرتفعة الشامخة والمشرفة على النجوم كما إنه صورها لامعة وهذا ما أبدع فيه واشتهر به ولاسيما في أوصافه للقلاع التي بناها سيف الدولة الحمداني ووصف الشاعر بئرا كان قد حفرها في داره بالموصل وبَيَّن فرحه وسروره بهذه النعمة المدفونة في الأرض بحيث لو أعطاها حقها لأحاطها باللؤلؤ الثمين كما وصف الشاعر جسرا واحدا لم يذكر في ديوانه إلا مقطوعة يتيمة تقع في بيتين وقد شبه الجسر والسفن التي تسير تحته مع الظلال بالثوب المطرز بخطوطه السود، كما وصف مظاهر العمران التي تخص عامة الناس إذ خالط الشاعر الناس بحيث أثر محيطهم الحضاري على نتاجه الشعري وبدا واضحا جليا في شعره، فوصف الأدوات الحضارية على أيامه أمثال الحمّامات، وجاء وصفه حسيا إذ صور ما موجود من زخارف ونقوش على سقوفها وجدرانها كما صور بصريا ما تتركه من آثار على نفسية الناس من صحة وراحة كما وقف على تصوير النار والكوانين في فصل الشتاء ومدى فوائدها، كما وصف الشاعر خزانة كتبه في المنزل. ومن الجدير بالذكر أن أفانين البلاغة كانت متناثرة داخل النصوص المختارة وقد أشرنا إليها من خلال التحليل ضمن الأبيات الشعرية، لعل الدراسة تحقق هدفها المنشود. أما أهم المصادر المعتمدة فهي الديوان، تحقيق ودراسة: د.حبيب حسين الحسني، وكتاب يتيمة الدهر للثعالبي، وكتاب تاريخ الموصل للقس سليمان الصائغ، وكتاب الأغاني للأصفهاني، وكتاب فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين للدكتور مصطفى الشعكة، وكتب أخرى في هوامش البحث. لكن تلك المصادر لم تتحدث عن العمران بالتفصيل أو التحليل وإنما اقتصرت على ذكر الأبيات فقط وهذا ما تطلب مني الوقوف على الأبيات بتمحص وتركيز واستنباط التحليل الأدبي والمضامين الفنية.

Keywords