مجلة الآداب (Dec 2023)
تراسل الحواس والتجسيم في شعر عارف الساعدي
Abstract
أنّ الشعر هو بنية واحدة متماسكة مع بعضها البعض ومنسجمة في أواصرها، لا يمكن لنا التفكير في تجزئتها، أو تفكيك عناصرها. والصورة الشعرية في ذهن المنتج والمتلقي على حد سواء هي على أعلى درجات الأهمية من حيث تبادل الأدوار في انتاجها من قبل المبدع بعد لحظات تأمل وقدح إبداعية من خلال انفعالات معينة في الحياة والطبيعة والبيئة المكونة لمبدع النص مرورا بتحميلها عبر قنوات اللغة الشعرية العابرة للمنطق والمتجاوزة لقوانين اللغة الطبيعية محدثة خللا في ذهنية المتلقي الذي بدوره يشتغل على عملية تفكيك بناء هذه الصورة في عملية عكسية تماما لتشكيلها من قبل المنتج. وقد ركزنا في دراستنا هذه على الشاعر عارف الساعدي بوصفه أحد شعراء الجيل الحديث وهو شاعر رائد في مجاله أخذ شهرة واسعة ومهمة من خلال أعماله الشعرية وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمن، وما زال أرضا خصبة لمستويات معرفية وثقافية غاية في الأهمية، ولدراسة تجربته الشعرية إخترنا بيان وسائل جماليات الصورة في شعره من تراسل الحواس والتجسيم. وتراسل الحواس نعني به (تعبير يدل على المدرك الحسي أو يصف المدرك الحسي الخاص بحاسة معينة بلغة حاسة اخرى) اي تستعير حاسة وظيفة أوصفة حاسة أخرى فتعطى المسموعات الوانا ًوالمشمومات انغاما ً، وتصبح المرئيات عاطرة، وفي ذلك إبراز للأحاسيس (بحيث تتفاعل جملة الحواس البشرية في بوتقة الإحساس الفياض الذي يستغرق الحالة الشعورية ويضئ الدفقة التصويرية ويمدها بطاقات من التنوع ليزيد الصورة جمالا ووضوحا من خلال التفاعل بين الحواس المختلفة التي تشكل الوعي والإحساس. ويعطي تراسل الحواس للشاعر فرصة استثمار إيحاء في حاستين أو أكثر وبذلك يكثف مشاعره ويركزها في الاتجاه الذي ينشده، يضاف الى هذا أن تراسل الحواس مما يثري اللغة وينميها؛ لأنه يعني ضمنا أن ينأى الشاعر عن السياق المألوف للمفردة المعبرة عن حاسة ما فينقل إليها مفردات حاسة أخرى وبذلك تتنوع أساليب التعبير عن الحاسة الواحدة. وقد اقتصر هذا البحث على دراسة تراسل الحواس وتناول شعر الشاعر عارف الساعدي انموذجا، لما لمسناه من توظيف جميل للتراسل الحسي في نصوصه الشعرية. اما التجسيم هو إكساب المعنويات صفات المحسوسات (الجمادات) اي هو أبراز المعنوي في صورة محسوسة بمعنى أننا نضفي على المعنويات صفات الأشياء المادية.
Keywords