أنموذجا :- وزارة الحسن بن مخلد بن الجراح في خلافة المعتمد على الله (256-279هـ/869-892م) أنموذجا :- الكاتب أبي العباس احمد بن محمد بن الفرات في خلافة المعتضد بالله (279-289هـ/892-9تدابير الإدارة المالية للدولة العباسية

Abstract

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وسندنا خير الأنام محمد (ص) وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاه إلى يوم الدين . إما بعد : فقد اخترنا موضوع البحث الموسوم بـ " تدابير الإدارة المالية للدولة العباسية " عبر اختيار نماذج من الوزراء والكـّتاب , فكان اختيار وزارة الحسن بن مخلد بن الجراح ( 263-295هـ/876-907م) , والكاتب أبي العباس أَحمد بن محمد بن الفرات (279-289هـ/892-902م) , ووزارة أخيه أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات في وزارته الثلاث , فكانت الوزارة الأولى (296-299هـ/908-911م) , والثانية (304-306هـ/916-918م) , والثالثة (311-312هـ/922-923م) , وتدابيرهم الإدارية والمالية . وجاءت أهمية هذا الموضوع لمكانة النماذج وأهميتها التي ناقشنها وأيضا أهمية منصب الوزير ووظيفته من حيث الأهمية السياسية والإدارية , وبما أسهمت الوزارة في توجيه نظام الدولة العباسية ورسم سياستها العامة , والوزير هو وسيط بين الخليفة والرعية , فهو من ناحية يساعد الخليفة في حمل بعض أعبائه ويعين في إدارة شؤون الدولة , ومباشرة مهام دواوينها , ولذلك كان يلجأ الخليفة إلى الوزير في كل أمر يخص الدولة أو يخص الرعية . وقد أفرزت ظروف الخلافة العباسية وتدهور أوضاعها من الناحيتين الإدارية والمالية ظهور شخصيات متنفذة في الدولة العباسية , ومن هذه الشخصيات كانت أسرة آل الجراح وأسرة آل الفرات , وهذه الأُسر التي كانت لها طموحات ومقدرات وكفاية في إدارة الدواوين أولاً والوزارة ثانيا . وأيضا هذه الأسر أخذت على عاتقها اختيار الشخص المناسب الذي يلائم طموحاتها لكي توصله إلى كرسي الخلافة , وهذا ما حدث مع الخليفة المقتدر بالله الذي اختير لمنصب الخلافة وهو لا يزال صغيرا من قبل الوزير علي بن محمد بن الفرات , وهذه الأسر قد تولت الوزارة أكثر من مرة لشخص واحد منها أو عدد من أفراد الأسرة . وموضوعنا يتعلق ببعض من هذه الشخصيات لكن ضمن الإطار الإداري والمالي , وكان لهم دور مهم في إدارة الدواوين وتنظيمها والأشراف عليها ومراقبتها عبر ضبط عمل الدواوين وميزانية الدولة , وأيضا اكتشاف التزوير والتزييف والسيطرة على أعمال الدواوين في شرق وغرب الدولة العباسية وليس فقط في بغداد , إضافة إلى ذلك فإنَّ هذه الشخصيات قد وصلت إلى مرحلة من الضبط والكفاية الإدارية ودراية عالية في الجانب المالي إلى استحداث دواوين جديدة , فقد أسس الوزير أبو العباس أَحمد بن محمد بن الفرات ديوان الدار , وأسس الوزير علي بن محمد بن الفرات " ديوان المرافق " وغير ذلك من الأعمال الإدارية والمالية , وقد كان لهم دور مهم في حل الأزمات المالية التي تعرضت إليها الدولة العباسية حين كانوا متولين الدواوين وحين كانوا وزراء . واختلفت أبعاد سلطة الوزير وحدودها تبعا لشخصية الخلفاء والأحوال السياسية للدولة العباسية وقد بينا في بحثنا للأحوال السياسية لكل خليفة ضمن مدة الشخصيات التي بحثناها , وكان كثير من الوزراء على جانب كبير من النفوذ والسلطة حتى أصبح الوزير هو المرجع الأعلى لشؤون الدولة , وكان معظم الخلفاء يفوضون وزراءهم في حكم الدولة , فكان الوزير يقوم بتدبير الملك وعرض الجيوش وتوفير الأموال والأشراف على الجباية وأجراء رسوم الخلافة وإقامة العدل والأشراف على الإدارة .