مجلة الآداب (Mar 2020)
الصراع المشهدي للذاكرة الإشكالية في رواية (هناك في فج الريح)
Abstract
تعد الشخصية الإشكالية ركيزة مهمة في النص الروائي، إذ بها تتآزر المتضادات، ويتحقق الصراع، فالشخصية الإشكالية تعيش انقساما ذاتياً بين أن تحيا بشكل طبيعي وتمارس حياتها الخاصة، أو أن تنصهر في وسط واقعها الاجتماعي، مؤمنة بقيمه ومثله. فهي شخصية تتصرف بدوافع ذاتية، تسعى الى التغيير لكنها غالباً ما تنكفئ في آخر المطاف إلى عالمها الخاص. وهذه الشخصية تجلى حضورها واضحاً في (رواية هناك في فج الريح) للروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي، عبر شخصية (حسان الزيدي)، فهي شخصية إشكالية، تمتلئ بهاجس الاغتراب الذاتي الوجودي، والمجتمعي (مغادرة الوطن)، ومثقلة بالهم الإنساني، وتعاني ضياع الهوية، وتأزم الحال، والعجز المطلق إزاء التحولات، بسبب هيمنة إحساسها باللاتكافؤ بينها وبين محيطها ومتغيراته. وجاء استخدام الكاتب للراوي (ذي المعرفة الكلية المتعدد الانتقاءات)، ليساهم بكشف تضادات الشخصية، وصراعاتها الداخلية، عبر استبطان وعيها، وتوثيق ذاكرتها بشكل ممسرح وهو ما حقق لنا جانباً مشهدياً ودرامياً مهماً، هيمن على البنية العامة للرواية، فخلق لنا صورة متكاملة عن الشخصية، فلم نسمعها فحسب بل رأيناها أيضاً، وهو ما جعل عنصر الإيهام بواقعية الشخصية متجلياً بشكل واضح. فالحكاية قُدّمت مباشرة كما عاشها (حسان)، وكما انعكست في وعيه، وقُدّمت الأفكار والرؤى والمشاعر كما تكونت بالتدريج، فبدت الرواية كأنها من دون راوٍ، موثقةً عبر وعيه الإشكالي وذاكرته، مشاهد الخراب النفسي للفرد والمجتمع، وللوطن الواقع تحت سطوة الحروب والقمع السلطوي، فكانت مرآة حية، تجسدت فيها الصراعات المتضادة، بين الوعي بالأزمة، والعجز عن إيجاد الخلاص منها.
Keywords