مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية- سلسلة الآداب والعلوم الانسانية (Oct 2021)
التغلغل الاقتصادي الأمريكي في الدولة العثمانية بين عامي 1913- 1922م
Abstract
يعد الموقع الجغرافي من أهم العوامل التي تؤثر في تحديد قوة الدولة وتكييف علاقاتها السياسية، فلا تقل أهمية الحدود في تدعيم قوتها وتعزيز أمنها، فالأحداث الدولية التي تقع على مقربة من موقع الدولة الجغرافي أو على حدودها مباشرة، تؤثر بلا شك بصورة أكثر في تحديد مواقفها السياسية من تلك الأحداث، مما قد يترتب على الدولة اتخاذ الكثير من التدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يؤثر في تحديد سياستها الخارجية، وهذا بدوره يقرر إلى حد بعيد الموقع الاستراتيجي لتلك الدولة. لقد كان أحد أسباب اهتمام القوى الأوروبية العظمى بتقسيم الميراث الإقليمي للدولة العثمانية هو موقعها الإستراتيجي على ملتقى الأراضي والبحار الرئيسية وطرق النقل والتجارة المهمة التي تلتقي في استانبول، لهذا لعبت الدولة العثمانية دور القيام بوظيفة جسر أرضي ودور قلعة تقف على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وهذه الحقيقة الجغرافية مثلما كانت مصدر قوة للدولة العثمانية عندما كانت في عزها صارت موقع اهتمام وأطماع القوى الخارجية عندما بدأت هذه الدولة بالتدهور والضعف. إن الأهمية الإستراتيجية لممتلكات الدولة العثمانية من جهة وأهميتها الاقتصادية من جهة أخرى جعلها محط أنظار الدول الاستعمارية الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا،فقد تأخرت الولايات المتحدة الأمريكية في نشاطاتها الاستعمارية بمنطقة الشرق الأدنى، وذلك لعدة أسباب منها عدم الحاجة الملحة للرأسمالية الأمريكية بعد إلى أسواق الدولة العثمانية، وسياسة الحياد التي اتبعتها خلال الحرب العالمية الأولى من الصراعات في العالم، فضلاً عن البعد الجغرافي، لكن التجارة كانت الدافع الرئيسي لبدايات التدخل الأمريكي في الدولة العثمانية فضلاً عن تقديم القروض والمساعدات والبعثات التبشيرية، وكل تلك الأساليب كانت تصب في مصلحة التجارة الأمريكية.