Hitit İlahiyat Dergisi (Dec 2022)
القصّة القرآنيّة في شعر محمود درويش بين التّشكّل الجمالي والبعد الرّمزي قصّة سيّدنا يوسف عليه السلام نموذجا
Abstract
يتناول هذا البحث توظيف القصّة القرآنيّة في شعر محمود درويش ويتّخذ من قصّة سيّدنا يوسف عليه السلام نموذجًا لذلك؛ لبيان أثرها في شعره ومدى انعكاس الأسلوب القرآني فيه، ومن ثم بيان الدّلالة التي يهدف الشّاعر إلى إيصالها للقارئ من خلالها، لذلك تمثّلت إشكالات هذا البحث في: كيف تشكّلت المناحي الجمالية النّاتجة عن حضور القصّ القرآني في الشّعر المعاصر؟ وما أبعاد هذا الحضور؟ وإلى أيّ مدى أسهم الرّمز القرآني في كثافة المعنى في الشعر المعاصر؟ ويعد المنهج التأويلي الأفضل في هذه الدراسة؛ وذلك لتناسبه مع طبيعة البحث. لقد تأثّر الشعر الفلسطيني بالمرجعيّة القرآنية لأسباب عدّة منها: أولا أنّه يُعدّ مصدرًا أدبيًّا مفعما بأفانين البلاغة التي تزيد قداسته إثراء للنّسق الشّعري. ثانيا: أنّه صورة تُشخّص الأحداث المُتضمّنة للقصص القرآني؛ إذ تتجلّى فيها حقيقة النّفس البشريّة بكلّ تفاصيلها، ثالثًا: وبوصفه ذاكرة وهويّة، يجدر التمسك بها واحتضانها في مقابل الهجمة الصهيونية الشرسة، التي تبغي تجريد الإنسان العربي المسلم من دينه وتاريخه وتراثه. للأسباب المتقدّمة نجد أنّ معظم الشعراء الفلسطينيّين اعتمدوا في توظيفهم للإشارات المـُستوحاة من القرآن الكريم على ظاهرتين أساسيّتين: الأولى تتمثّل في محاكاة لغة ومضامين القرآن الكريم حتّى يصبح النّتاج الشّعري بموجبها ذا عمق دلاليّ، يرسم أبعاد الإنسان وعلاقاته المتعدّدة سواء مع ربّه أو مع بني جنسه، مقتفيا بذلك تعاليم الشّرائع السّماويّة، القائمة على أسس الخير والحرية، والثّاني: توظيف الإشارات الدينيّة. وقد ارتبط الشعر الفلسطيني بالقرآن الكريم ارتباطًا لا يمكن إغفاله؛ لأن قضيّة احتلال فلسطين في أساسها قضيّة دينيّة أكثر من كونها قضيّة سياسية، لذلك مزج الشعراء في أشعارهم البعد السّياسي بالبعد الديني، وانعكس ذلك جليًّا في شعرهم لاسيما في شعر محمود درويش الذي یُعدّ من شعراء الحداثة البارزین، فهو أثرى نصّه الشعريّ بأنساق أسلوبیّة ولغویّة لافتة ومتميّزة، ممّا جعله يحظى باهتمام كبیر على الصعیدیْنِ الأدبي والنّقدي؛ نظرا لغنى تجربته الشّعریّة وعمق تأثیرها فنیًّا ووجدانیًّا ووطنیًّا وقومیًّا وإنسانیًّا، إضافة إلى قدرته على الابتكار والإتیان بكل جدید یتلاءم مع فكره وقضیّته وفنّه. ومن ابتكاراته الشعرية قدرته على توظيف قصّة يوسف عليه السلام في خدمة القضية الفلسطينية والتعريف بها، وتعد قصة يوسف عليه السلام إحدى أهم القصص الذي ورد ذكرها كاملةً في سورة واحدة في القرآن الكريم، وتناولت أهمّ المفاصل في حياة النبي يوسف عليه السلام، والتحوّلات التي مرّ بها، وأنواع المحن والابتلاءات التي لقيها، وأسلوبه في مواجهتها. لذلك يتناول هذا البحث توظيف القصّة القرآنيّة في شعر محمود درويش، ويتّخذ من قصة سيّدنا يوسف عليه السلام نموذجا؛ لبيان أثر القصّة القرآنية في شعر محمود درويش ومدى انعكاس الأسلوب القرآني على شعره، ومن ثم بيان الدلالة التي يهدف الشاعر إلى إيصالها للقارئ من خلال سورة يوسف. وجاءت خطة البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة تضمّنت أظهر النتائج التي خلص إليها البحث، وقائمة بالمصادر والمراجع. وتبيَّن من خلال الدراسة أنَّ الشّاعر محمود درويش استطاع عبر توظيفه للقصّة القرآنية في الشّعر الحديث أن يضيف أبعادا جماليّة عكس فيها المآسي والأحزان التي تعتري حياة الإنسان بصورة عامة، وحياة الشعب الفلسطيني بصورة خاصة. كما أنّه تمكّن من المزاوجة بين التراث متمثّلا في قصّة النّبي يوسف عليه السلام في القرآن الكريم والحاضر متمثلا في معطيات العصر بكل صراعاته، ويقدّم صورا شعرية متناسقة أعطت المتلقي أبعادا واسعة وفتحت له المجال للتأويل، كما ظهر أنَّ توظيف صورة -النّبيّ يوسف- أكسب النّص الشّعري بعدا جماليا أغنى التجربة، واستفز القارئ لقراءة خفايا المتن الشّعري. وتجسِّدُ "الرّؤيا" في شعر درويش الحلم الفلسطيني، الذي يتمثّل في البحث عن المستقبل الآمن، والإيمان بحتمية العودة والسيادة، فقد وجد "درويش" في ذلك مسرى لحلمه، وقد تكرّرت لفظتا الحلم والرؤيا عنده في مواضع كثيرة سواء أكان ذلك التكرار عفويًّا، يعكس الحاضر بصورته الأوليّة أم مقصودًا بذاته، يسمو بالحاضر بالتركيز على الماضي، والتوجّه نحو المستقبل.
Keywords