Annales du Patrimoine (Sep 2024)
الهُوية الثقافية في ظل العولمة
Abstract
يحتلّ موضوع الهوّيّة موقع الصّدارة في مجالات عدّة خاصّة الفكريّة والفلسفيّة والسّوسيوثقافيّة حيث أصبحت كلمة "هوّيّة" تستعمل للدّلالة على المواقف التّاريخيّة والراّهنة الّتي تعرفها الأمم بنُخبها ومفكّريها خاصّة في ظلّ الصّراعات القائمة بين الأديان والحضارات والسّياسات والإيديولوجيّات وغيرها من التّوجّهات المنتشرة. إنّ الهوّيّة الثّقافيّة تشهد أزمة وتحدٍّ كبيرين في ظلّ ظهور ما يسمّى بالعولمة الّتي تعتبر من أهمّ سمات العصر، إذ تحمل هذه الأخيرة في طيّاتها نظرة مرنة للسّيّادة والحدود الوطنيّة، ويبرز التّحدّي الّذي تواجهه الهويّة الثّقافيّة جرّاء ظهور العولمة في كون هذه الأخيرة تسعى جاهدة دون وضع أيّ اعتبار للخصوصيّة لفرض نفسها على بقيّة العالم - باعتبارها الثّقافة العالميّة أحيانا والمنتصرة أحيانا أخرى - مدعومة بالتّطوّر العلميّ والتّكنولوجيّ الّذي يشهده مجال الإعلام والاتّصال خاصّة، ففي فوضى هذه الطّفرة العلميّة والمعلوماتيّة بدأت الهويّة تفقد بعضا من سماتها، فكان لابدّ من البحث عن أسس جديدة للتّرويج للوطن والهوّيّة، فبدأ التّركيز على العامل الثّقافيّ كونه الرّكيزة الأساسيّة الّتي تقوم عليها هوّيّة الجماعات البشريّة المكوّنة للدّولة، فالعامل الثّقافيّ له وظيفة مهمّة تتمثّل في الحفاظ على الذّات باعتباره نظام من القيم والتّصوّرات الّتي يتّسم بها شعب أو مجتمع ما تبعاً لخصوصيّاته التّاريخيّة والحضاريّة