مجلة جامعة دمشق للدراسات التاريخية (May 2023)
قادش معركة فاصلة في تاريخ سوريّة القديم (1285 ق. م)
Abstract
كانت سوريّة عبر العصور هدفاً للطامعين من القوى المحيطة، وذلك لأهميّة موقعها الجغرافي والاستراتيجي، وهذا ما جعل تلك القوى تنقل ساحة الصراع فيما بينها إلى داخل العمق السوري، ومن أهم المعارك التي حدثت داخل الأراضي السوريّة معركة قادش التي دارت ما بين الامبراطوريتين المصريّة بقيادة رمسيس الثاني ملك مصر، والحثيّة بقيادة مواتللي ملك الحثيين بالقرب من مدينة قادش، وتعتبر معركة قادش من المعارك الفاصلة في تاريخ سوريّة القديم من حيث النتائج التي تمخضت عنها وغيرت في حياة الممالك السوريّة بتقسيم ولائهم مابين الدولتين المتحاربتين في تلك المعركة فكانت مدينة قادش حداً فاصلا، حيث بسطت الدولة الحثيّة مناطق نفوذها على الامارات السوريّة الواقعة من قادش وإلى الشمال، وبسطت الامبراطوريّة المصريّة نفوذها على المناطق الواقعة جنوب قادش، وما يميز تلك المعركة التكتيكات العسكريّة التي استخدمت فيها وكثرة أعداد وعدة الجيوش المتحاربة، كما واستخدمت فيها الجاسوسيّة العسكريّة لأول مرّة في التّاريخ اضافة إلى صعوبة تحديد هويّة المنتصر فيها فالنصوص الحثيّة تؤكد انتصار الحثيين، أما النقوش المصريّة تؤكد انتصار المصريين، وفي الحقيقة لم تكن نتيجة المعركة نصراً مدوياً لكلا الفريقين بل انسحاباً يحفظ ماء الوجه لكليهما، هذا ما أكدته معاهدة الصلح التي وقعت بعد معركة قادش ب 15 عاماً والتي ابقت على مناطق نفوذ الدولتين المتحاربتين داخل الأراضي السوريّة كما كانت عند وقف الأعمال القتاليّة في حقوق النشر: جامعة دمشق –سورية، يحتفظ المؤلفون بحقوق النشر بموجب الترخيص CC BY-NC-SA 04 المعركة، ومن الملفت للنظر حسن العلاقات التي جمعت فيما بعد بين طرفي الصراع في معركة قادش (عدو الأمس صديق اليوم)، وتتويجاً لحسن العلاقات وقعت معاهدة الصلح فيما بينهما والتي تعتبر أقدم معاهدة موثقة في التاريخ، وكللت المعاهدة بزواج سياسي حيث قدم حاتوشيلي الثالث ملك الحثيين ابنته زوجة للفرعون المصري رمسيس الثاني، مما انعكست على واقع الممالك السورية التي انتعشت اقتصاديا وراجت التجارة السورية وازدهرت نتيجة لتللك لمعاهدة.