Cumhuriyet İlahiyat Dergisi (Jun 2023)

قِياسُ الأدْنَى عِندَ الأصُولِيِّين – حقيقتهُ، وتطبيقاتهُ، والاعتراضاتُ الـمُثارة حولَهُ

  • Mohammad Rachıd Aldershawi

DOI
https://doi.org/10.18505/cuid.1249656
Journal volume & issue
Vol. 27, no. 1
pp. 136 – 149

Abstract

Read online

القياس كما هو معلوم هو المصدر التشريعي الرابع، وقد عدَّهُ الأصوليون من الأدلة المتفَق عليها، ويتمثل في إلحاق أمرٍ غير منصوصٍ أو مُجمَع على حكمه بأمرٍ آخرَ منصوصٍ أو مُجمَعٍ على حكمه؛ لِاشتراكهما في العلَّة. وقد فصَّل الأصوليون القول في القياس، وقَسَموهُ تقسيماتٍ عديدةً، واختلفت أقوالهم في تفسير بعض الأقسام، وأثيرت حول بعضها إشكالاتٌ، ومن ذلك تقسيم القياس إلى قياسٍ أَولى وقياسٍ مُساوٍ وقياسٍ أدنى، فقد مثَّل الأصوليون لِقياس الأَولى بِقياس ضرب الوالدَين على التأفيف في الحرمة، ومثَّلوا لِلقياس المساوي بِقياس الأَمَةِ على العبد في سِراية العتق، أمَّا قياس الأدنى فمثَّلوا لهُ بِقياس التفَّاح على البُرّ في الرِّبويَّة. ولَئِنْ كان قياسُ الأَولى والقياسُ المساوي متفَقاً عليهما بين الأصوليين، مع وقوع الخلاف بينهم في أنهما هل يُسمَّيان قياساً أو لا؛ فإنَّ قِسْمَ قياس الأدنى كان محلَّ اعتراضٍ من قِبَل بعض الأصوليين الذين رأوا أن القياس الصحيح لا يكون أدنى؛ لأنَّ الفرع إذا لم يكن مساوياً للأصل في العلة فالقياس فاسدٌ، واستمرَّ الاعتراض على هذا القسم لَدى بعض المعاصرين. ورغم ما أُثير حول قياس الأدنى من إشكالات؛ إلا أن الباحث لم يطَّلع على مَن أفرَدهُ بالدراسة والبحث، فمعظَم مَن كتبوا في القياس قديماً وحديثاً تكلموا عن قياس الأدنى بما لا يزيد عن سطرٍ أو سطرَين، دون الجواب عن الإشكالات التي أثيرت حوله. ثم إن الباحث لم يطَّلع على مَن تتبعَ استعمالات قياس الأدنى في كتب الفروع لِبيان الجانب التطبيقي لَه. ومن هنا مَسَّتِ الحاجةُ إلى تقديم دراسةٍ وافيةٍ تُبيِّن معنى قياس الأدنى، وتُناقشُ الاعتراضاتِ والإشكالات التي أُثيرتْ حوله، وتُوضِحُ صِلَتَهُ بأقسام القياس الأخرى، وتهتمُّ بالجانب التطبيقي لهُ. وقد استعانَ الباحث بالمنهج التحليلي، ورجع إلى أهمِّ المصادر والمراجع الأصولية قديـماً وحديثاً. وانتهى البحث إلى نتائج، أبرزُها أنَّ لِقياس الأدْنى إطلاقَينِ: أحدهما أنهُ ما كان فيه الأصل أَولَى بالحكم من الفرع، وهذه الأدْونيَّة هي من حيث الحكمُ لا من حيث العلَّةُ؛ إذ يمتنع أن تكون العلة في الفرع أضعف منها في الأصل، لكن وجه الأدونيَّة أنَّ في الأصل أوصافاً متعددة صالحةً للعليَّة، فإذا ترجح عند المجتهد أحدها جعله هو العلة، ثم ألحقَ الفرع بالأصل بناء على الاشتراك في تلك العلة، وهذا الإلحاق قائمٌ على الظَّنِّ، وعلى هذا فالحكم في الأصل أقوى؛ لأن في الأصل كافةَ الأوصاف المحتملة للعليَّة، أما الفرع فقد لا يكون فيه إلا وصفٌ واحدٌ مِن بينها. وقياس الأدنى بالإطلاق الثاني هو ما كانت فيه العلة في الفرع أضعفَ منها في الأصل، فتكون العلة في الأصل أتمَّ وأقوى، وذلك لا يقدح في صحة القياس؛ إذ المطلوبُ وجودُ العلة بِتمامها في الفرع، وذلك لا يتنافى مع كونها قد تكون في الفرع أضعف أو أقوى. ومن النتائج التي انتهى إليها البحث أيضاً أنَّ الاعتراضات التي وُجِّهتْ إلى قياس الأدنى ضعيفةٌ، لأنها ترتكز على أنَّ الأدونية معناها ضعفُ العلة في الفرع، وأنَّ هذا يستلزم قيام الفارق بين الأصل والفرع، والجواب أن المساواة بين الأصل والفرع يكفي أن تكون في نوع العلة أو جنسها، ولا يُشترط التساوي في القوة والزيادة والشدة. وأما الاعتراضات التي وُجِّهت حديثاً إلى قياس الأدنى فضعيفة أيضاً؛ إذ من الإجحافِ والتنكرِ للواقع تقسيمُ القياس إلى أولى ومساوٍ فقط، وما قاله المعترضون من أن الأصوليين لم يذكروا مثالاً صحيحاً على قياس الأدنى مخالفٌ للصواب، فقد أوردوا أمثلةً كثيرةً عليه، وأمَّا ما ادعاه المعترضون من أن الأصوليين وضعوا قسمَ قياس الأدنى لِمجرد الدفاع عن أقيسة أئمتهم؛ فهذه الدعوى تفتقر إلى الدليل، بل للأصوليين مسوِّغاتُـهم التي دفعتْهم إلى وضع هذا التقسيم. وأوضح البحث أيضاً أنَّ حديث الفقهاء عن قياس الأدنى لم يخلُ -على إيجازهِ- من فائدة، وانتهى البحث إلى أنَّ الفقهاء قصَدوا بالمصطلح كونَ الأصل أَولى بالحكم من الفرع؛ لِكونِ العلة في الأصل أتمَّ وأقوى، أي أنَّ أدونيَّة القياس عند الفقهاء هي من حيث العلة، ولم يقصدوا بالمصطلح مجردَ كون القياس ظنِّيَّاً، ولذا رأيناهم استعملوا هذا المصطلح في معرض الاعتراض؛ لأنهم رأوا أن القياس الأدون لا يُصار إليه مع إمكان إجراء قياس المساواة.

Keywords