مجلة جامعة دمشق للآداب و العلوم الإنسانية (Mar 2024)
قيمة (المأساويّ) في مختارات من شعر رثاء المدن في العصر العباسي
Abstract
لقد ركّزت معظم الدراسات على (أدب رثاء الممالك في الشّعر الأندلسي)، ولم تتناول موضوع رثاء المدن في الشّعر العباسي بدراسة مستقلّة يُعتدُّ بها، وهذا ما دفع الباحث إلى التركيز على هذا الجانب، مع إسقاط بعض المفاهيم الحديثة من علم الجمال (قيمة المأساويّ)، وشعر رثاء المدن في العصر العباسي هو شعر يهدف إلى تصوير نكبة العباسيين، بفقدان أجزاء من بلادهم، أو بخرابها واستباحتها نتيجة الاقتتال بين فئتين متحاربَتين، أو بسقوطها في فتنٍ وحروب داخلية دامية، استبيحت فيها الأعراض وانتُهكت الحرمات وهُدمت البيوت، وخرب العمران، وسالت الدماء. وفي الحقيقة إنّ موت الجميل الذي نحبّه ونجلّه، وعذاب الإنسان وهلاكه، ومجابهة القبح والتفاهة، كل هذه المعاني تجلّى من خلالها مفهوم المأساويّ (جمالياً) في شعر رثاء المدن في العصر العباسي.اتّجهالبحث إلى دراسة البناء الفكري لشعر رثاء المدن في العصر العباسي مركِّزاً على المجاور الآتية: 1- مأساة الخراب والدمار والموت، 2- ومأساة تفكّك الأواصر الاجتماعية والحضارية، 3- ومأساة العذاب والهوان والذّلّ، كما درس في البناء الفني: تماسك النّسق البنائي والدّقة والوضوح، والتشخيص والتجسيم والتشبيه، والخطابية، والاتجاه إلى الشعبية في شعر المقطّعات، ثمّ درس وظائف شعر رثاء المدن في العصر العباسي ،وأهمّها: الحثُّ على النهوض والبناء وإصلاح ما فسدَ ، التنفيس والتطهير، إثارة التفكير والتأمّل، الوظيفة الجمالية، وانتهى إلى مجموعة من النتائج، أهمّها: تجلّت قيمة (المأساويّ) واضحةً في شعر رثاء المدن في العصر العباسي؛ فقد عبّر هؤلاء الشعراء عن النّكبات التي حلّت بمدنهم: بغداد، والبَصرة، والقدس .. تعبيراً صادقاً، يفيض بنغمات الأسى، والتفجّع، والتحسّر.-عمد الشعراء إلى النقد، وأخذوا يضمّنون قصائدهم نقداً لاذعاً للأوضاع السياسية والأحوال الاجتماعية المتهاوية،-جاءت القصائد في رثاء المدن، في عمومها، محكمة النّسيج قوية التعبير، بكائية تظهر فيها الحسرة والتوجّع على حال الأمة، مع نزعة إيجابية واضحة لتغيير الواقع السّيّئ، وهي في معظمها قصائد طويلة مستقلّة الغرض، أمّا المقطّعات فكانت أقلّ، واتسمت بالطابع الشعبي وبالبساطة في التعبير.